القرارات الأخيرة بالمنع من السفر وسيلة للتنكيل بمدافعين ومدافعات عن الديمقراطية وانتهاك جسيم للدستور
بيان صحفي
تدين المنظمات الموقعة على هذا البيان قرارات المنع من السفر الأخيرة التي صدرت بحق مدافعين ومدافعات عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، والتي صدرت عن قاضي التحقيق في القضية المعروفة إعلاميًا بقضية التمويل الأجنبي، وترفض المنظمات قرارات المنع من السفر –حتى لو اتخذت صبغة قضائية– دون إبداء أسباب. كما تطالب المنظمات برفع هذه القرارات فورًا، والتوقف عن التنكيل بالمدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان والتعسف ضد منظمات المجتمع المدني والعاملين بها، أو من هم مرتبطين بالحراك الفعال في المجال العام، وتوفير مناخ تعددي يسمح بحرية عمل منظمات المجتمع المدني، خصوصًا قبل الانتخابات البرلمانية المقرر إجرائها خلال شهري مارس وإبريل المقبلين.
في يوم 5 ديسمبر 2014 فوجئ كل من حسام الدين علي رئيس المعهد المصري الديمقراطي ونائبه أحمد غنيم بوجود أسمائهم على قوائم الممنوعين من السفر، وذلك أثناء تواجدهم بمطار القاهرة متوجهين لحضور فعاليات عربية ودولية متعلقة بحقوق الإنسان والتحول الديمقراطي، وبحسب بيان صادر عن المعهد المصري الديمقراطي، فإن قرار المنع من السفر كان بناءً على تحقيقات تُجرى في قضية التمويل الأجنبي التي تعود وقائعها لعام 2011، وفي إفادات قدمها كل من حسام وغنيم للمنظمات الموقعة أنهما قد استغرقوا أسابيع طويلة لمعرفة أسباب منعهم من السفر دون معرفتهم بتفاصيل القضية المتهمين فيها.
الأمر نفسه تكرر أمس مع الناشطة إسراء عبد الفتاح والتي كانت تعمل في المعهد نفسه الذي يعمل فيه حسام وغنيم وهي حاليًا المسئولة عن قسم الإعلام الرقمي لجريدة اليوم السابع، حيث أنها أثناء تواجدها في مطار القاهرة لإنهاء إجراءات السفر فوجئت بفرد أمن يستوقفها في المطار ويبلغها بأنها ممنوعة من السفر بناءً على قرار قاضي التحقيق.
تؤكد المنظمات أن قرارات منع المدافعين والمدافعات عن الديمقراطية وحقوق الإنسان حسام الدين علي وأحمد غنيم وإسراء عبد الفتاح تأتي في أعقاب الحملة الشرسة التي شنتها أجهزة الدولة على المجتمع المدني، والتي بلغت ذروتها بعد أن أعطت وزارة التضامن الاجتماعي مهلة حتى 10 نوفمبر للتسجيل الإجباري لما أسمته "الكيانات التي تعمل عمل أهلي" وحذرت الوزارة من أن المنظمات تواجه خطر الإغلاق وحبس مؤسسيها حال عدم قيامهم بالتسجيل الإجباري وفقًا لقانون الجمعيات القمعي 84 لسنة 2002. ورغم أن منظمات المجتمع المدني ما زالت تعمل ولم تتعرض إحداها للإغلاق بشكل رسمي –رغم محاولات التضييق والتشهير المستمر– إلا أن قرارات المنع من السفر الأخيرة تكشف عن طرق أخرى تمارسها الدولة لقمع المجتمع المدني والعاملين فيه، وهو الأمر الذي يكشف عن أن محاولات نفي المجتمع المدني والتخلص منه لازالت مستمرة عبر طرق متعددة.
إن الطريقة التي صدر بها قرارات المنع من السفر بحق الزملاء الثلاثة تؤكد على الغياب التام لدولة القانون، حيث أن القرار صدر بناءً على إجراءات قانونية غير معروفة، بالإضافة إلى عدم معرفة الاتهامات الموجهة إليهم، أو إلى متى ستظل تلك القرارات نافذة. ففي غياب الشفافية واستقلالية جهات التحقيق بات من غير المعروف ما إذا كان هناك قرارات منع من السفر أخرى صادرة بحق نشطاء ومدافعين ومدافعات عن حقوق إنسان آخرين أو الأساس الذي قامت عليه تلك القرارات! الجدير بالذكر أن قرارات مماثلة كانت قد صدرت بحق عدد من النشطاء السياسيين منهم د. عمرو حمزاوي، ود. مصطفى النجار العضوين السابقين بمجلس الشعب، والناشطة السياسية أسماء محفوظ، والذين صدر بحقهم قرر المنع من السفر منذ عام تقريبًا، دون أن يتم استدعائهم إلى تحقيقات حتى اليوم؛ وهو ما يؤكد أن مثل تلك القرارات هي فقط للتنكيل بأصحاب الآراء المعارضة، وهي أشبه بعقوبة دون حكم قضائي.
كما ترى المنظمات أن تلك القرارات تتعارض مع الدستور، الذي تشترط مادته الــــ62 أن يكون قرار المنع من السفر مسببًا ولمدة محددة. ناهيك عن أن قرار المنع في حد ذاته يعتبر قيدًا على حريات الأفراد، وهو ما يتناقض مع المادة 54 من الدستور، والتي أمنت حماية حريات الأفراد في مواجهة تغوّل سلطات الدولة –بما في ذلك السلطة القضائية– من خلال ضمانات، تتمثل في ضرورة إبلاغ من تُقيّد حريته فورًا بأسباب هذا القيد، الأمر الذي لم يحدث في الوقائع المشار إليها، إذ لا يمكن بأي حال اعتبار إبلاغ الممنوعين من السفر من قبل سلطات المطار بقرار المنع إعلانًا لهم بالقرار؛ نظرًا لأنهم لم يخطروا بأسبابه أو مدته.
قضية التمويل الأجنبي التي صدر قرارين بالمنع من السفر بسببها كانت قد بدأت وقائعها في عام 2011 عن طريق حملة تشهير واسعة عبر عدد من وسائل الإعلام، ووجهت اتهامات وادعاءات تهدف إلى تلويث سمعة المدافعين عن حقوق الإنسان وشارك في تلك الحملة أعضاء في المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي أدار البلاد في تلك الفترة، وتم وصمهم بادعاءات خطيرة وصلت لحد الخيانة العظمى وتلقي تمويلات أجنبية بغرض تنفيذ أجندات أجنبية لنشر الفوضى. واكبت تلك الحملة تحقيقات قضائية بمعرفة قضاة للتحقيق واستدعاء لعدد من المدافعين عن حقوق الإنسان للتحقيق معهم. كما شهدت تلك الهجمة تطورات غير مسبوقة حيث قامت قوات الأمن باقتحام عدد من مقار منظمات دولية ومصرية ومصادرة أجهزة الكمبيوتر والأوراق الموجودة بها، ثم أحالت 43 موظفًا مصريًا وأجنبيًا يعملون في تلك المنظمات إلى محكمة الجنايات والتي أصدرت بحقهم أحكام تتراوح بين خمس سنوات وسنة مع إيقاف التنفيذ.
الجدير بالذكر أن في 24 مارس 2013 ذكر المساعد السابق لوزير العدل أمام جلسة عامة في مجلس الشورى أن قضية التمويل الأجنبي لم تنته بعد وأن "التحقيق جاري فيما يتعلق بالمنظمات المصرية ويقوم بالتحقيق قاضي تحقيق منتدب من رئيس محكمة استئناف القاهرة".
المنظمات الموقعة على هذا البيان تبدي دهشتها من استمرار التضييق على المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني في الوقت نفسه الذي تشهد فيه البلاد انتخابات برلمانية مرتقبة في شهري مارس وإبريل المقبلين، فتقوم الدولة بالعصف بأحد أهم الفاعلين في العملية الانتخابية ممن يقوموا بمجهودات لتوعية الناخبين ومراقبة العملية الانتخابية، وذلك بدلًا من أن تقوم الدولة بتهيئة المناخ لإجراء الانتخابات في بيئة سياسية تتسم بالتعددية والحرية.
المنظمات الموقعة:
1. مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
2. الجماعة الوطنية لحقوق الإنسان والقانون
3. الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية
4. جمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء
5. الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان
6. المبادرة المصرية للحقوق الشخصية
7. مركز الحقانية للمحاماة والقانون
8. المركز المصري لدراسات السياسة العامة
9. المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية
10. مركز النديم للتأهيل النفسي لضحايا العنف
11. مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف
12. مركز قضايا المرأة المصرية
13. المفوضية المصرية للحقوق والحريات
14. المنظمة العربية للإصلاح الجنائي
15. مؤسسة المرأة الجديدة
16. مؤسسة حرية الفكر والتعبير
17. نظرة للدراسات النسوية
18. مجموعة المساعدة القانونية لحقوق الإنسان